محمود احمد عبدالله عضوجديد
الدولة : عدد المساهمات : 3 تاريخ التسجيل : 22/11/2019 العمر : 40
| موضوع: زاد المسير في علم التفسير الجمعة نوفمبر 29, 2019 9:16 am | |
| تفسير بعض من أيات سورة البقرة.البقرة [rtl] الم (1)[/rtl] [rtl] وأما التفسير . فقوله : { ألم } اختلف العلماء فيها وفي سائر الحروف المقطعة في أوائل السور على ستة أقوال . أحدها : أنها من المتشابه الذي لا يعلمه الا الله . قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : لله عز وجل في كل كتاب سر ، وسر الله في القرآن أوائل السور ، وإلى هذا المعنى ذهب الشعبي ، وأبو صالح ، وابن زيد . والثاني : أنها حروف من أسماء ، فاذا أُلفت ضرباً من التأليف كانت أسماء من أَسماء الله عز وجل . قال علي بن أبي طالب : هي أسماء مقطعة لو علم الناس تأليفها علموا اسم الله الذي إِذا دعي به أجاب . وسئل ابن عباس عن «آلر» و«حم» و «نون» فقال : اسم الرحمن على الهجاء ، وإِلى نحو هذا ذهب أبو العالية ، والربيع بن أنس . والثالث : أنها حروف أقسم الله بها ، قاله ابن عباس ، وعكرمة . قال ابن قتيبة : ويجوز أن يكون أقسم بالحروف المقطعة كلها ، واقتصر على ذكر بعضها كما يقول القائل : تعلمت «أ ب ت ث» وهو يريد سائر الحروف ، وكما يقول : قرأت الحمد ، يريد فاتحة الكتاب ، فيسميها بأول حرف منها ، وإِنما أقسم بحروف المعجم لشرفها ولأنها مباني كتبه المنزلة ، وبها يذكر ويوحد . قال ابن الانباري : وجواب القسم محذوف ، تقديره : وحروف المعجم لقد بين الله لكم السبيل ، وأنهجت لكم الدّلالات بالكتاب المنزل ، وإِنما حذف لعلم المخاطبين به ، ولأن في قوله : { ذلك الكتاب لا ريب فيه } دليلاً على الجواب . والرابع : انه أشار بما ذكر من الحروف إِلى سائرها ، والمعنى أنه لما كانت الحروف أُصولاً للكلام المؤلف ، أخبر أن هذا القرآن إِنما هو مؤلف من هذه الحروف ، قاله الفراء ، وقطرب . فان قيل : فقد علموا أنه حروف ، فما الفائدة في إِعلامهم بهذا؟ فالجواب أنه نبه بذلك على إِعجازه ، فكأنه قال : هو من هذه الحروف التي تؤلفون منها كلامكم ، فما بالكم تعجزون عن معارضته؟! فاذا عجزتم فاعلموا أنه ليس من قول محمد عليه السلام . والخامس : أنها أسماء للسور . روي عن زيد بن أسلم ، وابنه ، وأبي فاختة سعيد ابن علاقة مولى أم هانىء . والسادس : أنها من الرمز الذي تستعمله العرب في كلامها . يقول الرجل للرجل : هل تا؟ فيقول له : بلى ، يريد هل تأتي؟ فيكتفي بحرف من حروفه . وأنشدوا : قلنا لها قفي لنا فقالت قاف ... لا تحسبى أنا نسينا الإيجاف أراد قالت : أقف . ومثله : نادوهم ألا الجموا ألا تا ... قالوا جميعاً كلهم ألا فا يريد : ألا تركبون؟ قالوا : بلى فاركبوا . ومثله : بالخير خيرات وإن شراً فا ... ولا أريد الشر إِلا أن تا معناه : وإن شراً فشر ولا أريد الشر إِلا أن تشاء . وإِلى هذا القول ذهب الأخفش ، والزجاج ، وابن الأنباري .[/rtl]
[rtl] وقال أبو روق عطية بن الحارث الهمداني : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في الصلوات كلها ، وكان المشركون يصفّقون ويصفّرون ، فنزلت هذه الحروف المقطعة ، فسمعوها فبقوا متحيرين . وقال غيره : إِنما خاطبهم بما لا يفهمون ليقبلوا على سماعه ، لأن النفوس تتطلع إِلى ما غاب عنها معناه ، فاذا أقبلوا اليه خاطبهم بما يفهمون ، فصار ذلك كالوسيلة إلى الإبلاغ ، إلا أنه لا بد له من معنى يعلمه غيرهم ، أو يكون معلوماً عند المخاطبين ، فهذا الكلام يعم جميع الحروف . وقد خص المفسرون قوله «الاما» بخمسة أقوال : أحدها : أنه من المتشابه الذي لا يعلم معناه الا الله عز وجل ، وقد سبق بيانه . والثاني : أَن معناه : أَنا الله أعلم . رواه أَبو الضحى عن ابن عباس ، وبه قال ابن مسعود ، وسعيد بن جبير . والثالث : أنه قسم . رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وخالد الحذاء عن عكرمة . والرابع : أنها حروف من أسماء . ثم فيها قولان . أَحدهما : أَن الألف من «الله» واللام من «جبريل» والميم من «محمد» قاله ابن عباس . فان قيل : إِذا كان قد تنوول من كل اسم حرفه الأول اكتفاءً به ، فلم أُخذت اللام من جبريل وهي آخر الاسم؟! فالجواب : أن مبتدأَ القرآن من الله تعالى ، فدلَّ على ذلك بابتداء أول حرف من اسمه ، وجبريل انختم به التنزيل والإِقراء ، فتنوول من اسمه نهاية حروفه ، و«محمد» مبتدأ في الإقراء ، فتنوول أول حرف فيه . والقول الثاني : أَن الألف من «الله» تعالى ، واللام من «لطيف» والميم من «مجيد» قاله أبو العالية . والخامس : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله مجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، وابن جريج .[/rtl]
[rtl] ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : «ذلك» فيه قولان . أحدهما : أنه بمعنى هذا ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والكسائي ، وأبي عبيدة ، والأخفش . واحتج بعضهم بقول خفاف بن ندبة : أَقول له والرمح يأطر متنه ... تأمل خفافا إِنني أنا ذلكا أي : أنا هذا . وقال ابن الأنباري . إنما أراد : أنا ذلك الذي تعرفه . والثاني : أنه إشارة الى غائب . ثم فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه أراد به ما تقدم إنزاله عليه من القرآن . والثاني : أنه أراد به ما وعده أن يوحيه إليه في قوله : { سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } [ المزمل : 5 ] . والثالث : أنه أراد بذلك ما وعد به أهل الكتب السالفة ، لأنهم وعدوا بنبي وكتاب . و { الكتاب } . القرآن . وسمي كتاباً ، لأنه جمع بعضه إلى بعض ، ومنه الكتيبة ، سميت بذلك لاجتماع بعضها إلى بعض . ومنه : كتبت البغلة . قوله تعالى : { لا ريب فيه } الرَّيب : الشك . والهدى : الإِرشاد . والمتقون : المحترزون مما اتقوه . وفرَّق شيخنا علي بن عبيد الله بين التقوى والورع ، فقال : التقوى : أخذ عدة ، والورع : دفع شبهة ، فالتقوى : متحقق السبب ، والورع : مظنون المسبَّب . واختلف العلماء في معنى هذه الآية على ثلاثة أقوال . أحدها : أن ظاهرها النفي ، ومعناها النهي ، وتقديرها : لا ينبغي لأحد أن يرتاب به لإتقانه وإحكامه . ومثله : { ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء } [ يوسف : 38 ] أي : ما ينبغي لنا . ومثله : { فلا رفت ولا فسوق } [ البقرة : 196 ] وهذا مذهب الخليل ، وابن الأنباري . والثاني : أن معناها : لا ريب فيه أنه هدىً للمتقين . قاله المبرّد . والثالث : أن معناها : لا ريب فيه أنه من عند الله ، قاله مقاتل في آخرين . فان قيل : فقد ارتاب به قوم . فالجواب : انه حق في نفسه ، فمن حقق النظر فيه علم . قال الشاعر : ليس في الحق يا أمامة ريب ... إنما الريب ما يقول الكذوب فان قيل : فالمتقي مهتد ، فما فائدة اختصاص الهداية به؟ فالجواب من وجهين . أحدهما : أنه أراد المتقين ، والكافرين ، فاكتفى بذكر أحد الفريقين ، كقوله تعالى : { سرابيل تقيكم الحر } [ النحل : 81 ] أراد : والبرد . والثاني : أنه خصَّ المتقين لانتفاعهم به ، كقوله : { إنما أنت منذر من يخشاها } [ النازعات : 45 ] . وكان منذراً لمن يخشى ولمن لا يخشى .[/rtl]
[rtl] الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : { الذين يؤمنون بالغيب } الايمان في اللغة : التصديق ، والشرع أقره على ذلك ، وزاد فيه القول والعمل . وأصل الغيب : المكان المطمئن الذي يستتر فيه لنزوله عما حوله فسمي كل مستتر : غيباً . وفي المراد بالغيب هاهنا ستة أقوال . أحدها : أنه الوحي ، قاله ابن عباس ، وابن جريج . والثاني : القرآن ، قاله أبو رزين العقيلي ، وزر بن حبيش . والثالث : الله عز وجل ، قاله عطاء ، وسعيد ابن جبير . والرابع : ما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار ، ونحو ذلك مما ذكر في القرآن . رواه السدي عن أشياخه ، وإليه ذهب أبو العالية ، وقتادة . والخامس : أنه قدر الله عز وجل ، قاله الزهري . والسادس : أنه الايمان بالرسول في حق من لم يره . قال عمرو بن مرَّة : قال أصحاب عبد الله له : طوبى لك ، جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجالسته . فقال : إن شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبيِّنا لمن رآه ، ولكن أعجب من ذلك : قوم يجدون كتاباً مكتوباً يؤمنون به ولم يروه ، ثم قرأ : { الذين يؤمنون بالغيب } قوله تعالى : { ويقيمون الصلاة } الصلاة في اللغة : الدعاء . وفي الشريعة : أفعال وأقوال على صفات مخصوصة . وفي تسميتها بالصلاة ثلاثة أقوال . أحدها : أنها سميت بذلك لرفع الصَّلا ، وهو مغرز الذنب من الفرس . والثاني : أنها من صليت العود إذا لينته ، فالمصلي يلين ويخشع . والثالث : أنها مبنية على السؤال والدعاء ، والصلاة في اللغة : الدعاء ، وهي في هذا المكان اسم جنس . قال مقاتل : أراد بها هاهنا : الصلوات الخمس . وفي معنى إقامتها ثلاثة أقوال . أحدها : أنه تمام فعلها على الوجه المأمور به ، روي عن ابن عباس ، ومجاهد . والثاني : أنه المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها ، قاله قتادة ، ومقاتل . والثالث : إِدامتها ، والعرب تقول في الشيء الراتب : قائم ، وفلان يقيم أرزاق الجند ، قاله ابن كيسان . قوله تعالى : { ومما رزقناهم } أي : أعطيناهم { ينفقون } أي يخرجون . وأصل الإِنفاق الإِخراج . يقال : نفقت الدابة : إذا خرجت روحها . وفي المراد بهذه النفقة أربعة أقوال . أحدها : أنها النفقة على الأهل والعيال ، قاله ابن مسعود ، وحذيفة . والثاني : أنها الزكاة المفروضة ، قاله ابن عباس ، وقتادة . والثالث : أنها الصدقات النوافل ، قاله مجاهد والضحاك . والرابع : أنها النفقة التي كانت واجبة قبل وجوب الزكاة ، ذكره بعض المفسرين ، وقالوا : إنه كان فرض على الرجل أن يمسك مما في يده مقدار كفايته يومه وليلته ، ويفرق باقيه على الفقراء . فعلى قول هؤلاء ، الآية منسوخة بآية الزكاة ، وغير هذا القول أثبت . واعلم أن الحكمة في الجمع بين الإِيمان بالغيب وهو عقد القلب ، وبين الصلاة وهي فعل البدن ، وبين الصدقة وهو تكليف يتعلق بالمال -أنه ليس في التكليف قسم رابع ، إذ ما عدا هذه الأقسام فهو ممتزج بين اثنين منهما ، كالحج والصوم ونحوهما .[/rtl]
[rtl] وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : { والذين يؤمنون بما أُنزل إِليك } اختلفوا فيمن نزلت على قولين . أَحدهما : أَنها نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، واختاره مقاتل . والثاني : أَنها نزلت في العرب الذي آمنوا بالنبي وبما أُنزل من قبله . رواه أبو صالح عن ابن عباس ، قال المفسرون : الذي أنزل إليه ، القرآن . وقال شيخنا علي بين عبيد الله : القرآن وغيره مما أُوحي إِليه . قوله تعالى : { وما أُنزل من قبلك } يعني الكتب المتقدمة والوحي فأما «الآخرة» فهي اسم لما بعد الدنيا ، وسميت آخرة ، لأن الدنيا قد تقدمتها : وقيل . سميت آخرة لأنها نهاية الأمر . قوله تعالى : { يوقنون } اليقين : ما حصلت به الثقة وثلج به الصدر ، وهو أبلغ علم مكتسب .[/rtl]
[rtl] أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : { أولئك على هدى } أي : على رشاد . وقال ابن عباس : على نور واستقامة . قال ابن قتيبة : المفلحون : الفائزون ببقاء الأبد . وأصل الفلاح : البقاء . ويشهد لهذا قول لبيد : نحل بلاداً كلُّها حُلَّ قبلنا ... ونرجو الفلاح بعد عادٍ وحمير يريد : البقاء . وقال الزجاج : المفلح : الفائز بما فيه غاية صلاح حاله . قال ابن الأنباري : ومنه : حيَّ على الفلاح ، معناه : هلموا إِلى سبيل الفوز ودخول الجنة .[/rtl]
[rtl] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : { إِن الذين كفروا } في نزولها أربعة أقوال . أحدها : أنها نزلت في قادة الأحزاب ، قاله أبو العالية . والثاني : أنها نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته ، قاله الضحاك . والثالث : أنها نزلت في طائفة من اليهود ، ومنهم حيي بن أخطب ، قاله ابن السائب . والرابع : أنها نزلت في مشركي العرب ، كأبي جهل وأبي طالب ، وأبي لهب وغيرهم ممن لم يسلم . قال مقاتل : فأما تفسيرها ، فالكفر في اللغة : التغطية . تقول : كفرت الشيء إذا غطيته ، فسمي الكافر كافراً ، لأنه يغطي الحق . قوله تعالى : { سواء عليهم } أي : متعادل عندهم الانذار وتركه ، والانذار : إِعلام مع تخويف ، وتناذر بنو فلان هذا الأمر : إذا خوفه بعضُهم بعضاً . قال شيخنا علي بن عبيد الله : هذه الآية وردت بلفظ العموم ، والمراد بها الخصوص ، لأنها آذنت بأن الكافر حين إنذاره لا يؤمن ، وقد آمن كثير من الكفار عند إنذارهم ، ولو كانت على ظاهرها في العموم ، لكان خبر الله لهم خلاف مخبره ، ولذلك وجب نقلها إلى الخصوص .[/rtl]
[rtl] خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : { ختم الله على قلوبهم } الختم : الطبع ، والقلب : قطعة من دم جامدة سوداء ، وهو مستكن في الفؤاد ، وهو بيت النفس ، ومسكن العقل ، وسمي قلبا لتقلبه . وقيل : لأنه خالص البدن ، وإنما خصَّه بالختم لأنه محل الفهم . قوله تعالى : { وعلى سمعهم } يريد : على أسماعهم ، فذكره بلفظ التوحيد ، ومعناه : الجمع ، فاكتفى بالواحد عن الجميع ، ونظيره قوله تعالى : { ثم يخرجكم طفلا } [ الحج : 5 ] . وأنشدوا من ذلك : كلوا في نصف بطنكم تعيشوا ... فانَّ زمانكم زمن خميص أي : في أنصاف بطونكم . ذكر هذا القول أبو عبيدة ، والزجاج . وفيه وجه آخر ، وهو أن العرب تذهب بالسمع مذهب المصدر ، والمصدر يوحد ، تقول : يعجبني حديثكم ، ويعجبني ضربكم ، فأما البصر والقلب فهما اسمان لا يجريان مجرى المصادر في مثل هذا المعنى . ذكره الزجاج ، وابن القاسم . وقد قرأ عمرو بن العاص ، وابن أبي عبلة : { وعلى أسماعهم } قوله تعالى : { وعلى أبصارهم غشاوة } الغشاوة : الغطاء . قال الفراء : أما قريش وعامة العرب ، فيكسرون الغين من«غشاوة» وعكل يضمون الغين ، وبعض العرب يفتحها ، وأظنها لربيعة . وروى المفضل عن عاصم «غشاوةً» بالنصب على تقدير : جعل على أبصارهم غشاوة . فأما العذاب ، فهو الألم المستمر ، وماء عذب : إذا استمر في الحلق سائغاً .[/rtl]
[rtl] وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ([/rtl] [rtl] قوله تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله } اختلفوا فيمن نزلت على قولين . أحدهما أنها في المنافقين ، ذكره السدي عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وبه قال أبو العالية ، وقتادة ، وابن زيد . والثاني : أنها في منافقي أهل الكتاب . رواه أبو صالح عن ابن عباس . وقال ابن سيرين : كانوا يتخوفون من هذه الآية . وقال قتادة : هذه الآية نعت المنافق ، يعرف بلسانه ، وينكر بقلبه ، و يصدق بلسانه ويخالف بعمله ، ويصبح على حالٍ ويمسي على غيرها ، ويتكفأ تكفأ السفينة ، كلما هبت ريح هب معها .[/rtl]
[rtl] يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : { يخادعون الله } قال ابن عباس : كان عبد الله بن أُبيّ ، ومعتب بن قشير ، والجد بن القيس؛ إذا لقوا الذين آمنوا قالوا : آمنا ، ونشهد أن صاحبكم صادق ، فاذا خلوا لم يكونوا كذلك ، فنزلت هذه الآية . فأما التفسير ، فالخديعة : الحيلة والمكر ، وسميت خديعة ، لأنها تكون في خفاء . والمخدع : بيت داخل البيت تختفي فيه المرأة ، ورجل خادع : إذا فعل الخديعة ، سواء حصل مقصوده أو لم يحصل ، فاذا حصل مقصوده ، قيل : قد خدع . وانخدع الرجل : استجاب للخادع ، سواء تعمد الاستجابة أو لم يقصدها ، والعرب تسمي الدهر خداعاً ، لتلونه بما يخفيه من خير وشر . وفي معنى خداعهم الله خمسة أقوال . أحدها انهم كانوا يخادعون المؤمنين ، فكأنهم خادعوا الله . روي عن ابن عباس؛ واختاره ابن قتيبة . والثاني : انهم كانوا يخادعون نبي الله ، فأقام الله نبيه مقامه ، كما قال : { إِن الذين يبايعونك إِنما يبايعون الله } [ الفتح : 10 ] . قاله الزجاج . والثالث أن الخادع عند العرب : الفاسد . وأنشدوا : أبيض اللون لذيذ طعمه ... طيب الريق إِذا الريق خدع أي : فسد . رواه محمد بن القاسم عن ثعلب عن ابن الاعرابي . قال ابن القاسم : فتأويل : يخادعون الله : يفسدون ما يظهرون من الايمان بما يضمرون من الكفر . والرابع : أنهم كانوا يفعلون في دين الله مالو فعلوه بينهم كان خداعا . والخامس : أنهم كانوا يخفون كفرهم ، ويظهرون الإيمان به . قوله تعالى : { وما يخدعون إلا أنفسهم } قرأَ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو : { وما يخادعون } وقرأَ الكوفيون ، وابن عامر : { يخدعون } ، والمعنى : أن وبال ذلك الخداع عائد عليهم . ومتى يعود وبال خداعهم عليهم؟ فيه قولان . أحدهما : في دار الدنيا ، وذلك بطريقين . أحدهما : بالاستدراج والإِمهال الذي يزيدهم عذاباً . والثاني : باطلاع النبي والمؤمنين على أحوالهم التي أسروها . والقول الثاني : ان عود الخداع عليهم في الآخرة ، وفي ذلك قولان . أحدهما : أنه يعود عليهم عند ضرب الحجاب بينهم وبين المؤمنين ، وذلك قوله : { قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب } [ الحديد : 13 ] . والثاني : أنه يعود عليهم عند اطلاع أهل الجنة عليهم ، فاذا رأَوهم طمعوا في نيل راحة من قبلهم ، فقالوا : { أَفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله } [ الأعراف : 50 ] . فيجيبونهم . { إِن الله حرَّمهما على الكافرين } [ الأعراف : 51 ] . قوله تعالى : { وما يشعرون } أَي : وما يعلمون . وفي الذي لم يشعروا به قولان . أحدهما : أَنه إِطلاع الله نبيه على كذبهم ، قاله ابن عباس . والثاني : أَنه إِسرارهم بأنفسهم بكفرهم ، قاله ابن زيد .[/rtl]
[rtl] فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)[/rtl] [rtl] قوله تعالى : { في قلوبهم مرضٌ } المرض هاهنا : الشك ، قاله عكرمة ، وقتادة . { فزادهم الله مرضاً } هذا الإخبار من الله تعالى أنه فعل بهم ذلك ، و «الأليم» بمعنى المؤلم ، والجمهور يقرؤون { يكذبون } بالتشديد ، وقرأ الكوفيون سوى أبان ، عن عاصم بالتخفيف مع فتح الياء.[/rtl] | |
|