سيرته
مع جده النبي
سبط النّبيّ(صلى الله عليه و آله سلم)، وأوّل ولد لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب و سيدة نساء العالمين فاطمة
سلام الله عليهما، ولد في النّصف من شهر رمضان، في السّنة الثّالثة من
الهجرة (1).وقدم النّبيّ (ص) إلى بيت الإمام عليّ -ع- ليهنّئه، وسمّـاه
«الحسن» من قبل الله(عز و جل) حسب رواية أهل الشيعة وأيضاً لم يكن أحد من
قبله يحمل هذا الاسم. وقد إستلم الخلافة
بعد والده ولكن فقط لمدة 6 أشهر، حتى عقد صلح مع معاوية ليستلم الحكم. قيل
أن أول من سماه هو رسول الله بأمر من رب العالمين، وقد أذن على إذنه
اليمنى، وأقام في اليسرى، عاش معه 7 سنوات –وفي بعض الروايات 8 سنوات-.
- أمضى السّبط مع النّبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم - ما يناهز سبعة سنوات من حياته [1]، وكان يحبّه الجدّ حبّاً جمّاً، شديداً، وكثيراً ما كان يحمله على كتفيه ويقول: « اللّهمَّ إنّي أُحبُّه فأحِبَّه » [2].
- « من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضني » [3].
- ويقول أيضاً: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» [4].
- ويقول أيضاً عنهما : « إبناي هذان إمامان، قاما أو قعدا [5].
- ولما يملكه الإمام الحسن -ع- من سموّ في التّفكير، وشموخ روح، كان
النّبيّ -ص- يتّخذه شاهداً على بعض عهوده، بالرّغم من صغر سنّه، وقد ذكر
الواقدي، أنّ النّبيّ عقد عهداً مع ثقيف، وقد كتبه خالد بن سعيد، وإتّخذ الإمام الحسن والحسين -ع- شاهدين عليه [6].
- وجاءت روايات معدودة بان آية التطهير
نزلت في رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين {انما يريدالله ليذهب عنكم
الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا} كما نقرا الاية73 من سورة هود التي نزلت
في حق سيدنا إبراهيم الخليل حيث بشرت الملائكة زوجته السيدة سارة بمولد
النبي اسحاق{ قالوا اتعجبين من امر الله رحمت الله وبركاته عليكم اهل
البيت انه حميد مجيد}
[7].
1- آية التطهير إنما نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال
الله تبارك وتعالى ** يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا
تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وقرن في بيوتكن
ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله
ورسوله إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيراً
واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إنّ الله كان لطيفاً
خبيراً} فالذي يراعي سياق هذه الآيات يوقن أنها في نساء النبي صلى الله
عليه وآله وسلم خاصة ، بل من يدقق في الآيات سيجد بنفسه أنّ قوله تعالى **
وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة
وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله أن يُذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويُطهّركم تطهيراً } آية واحدة والخطاب فيها كما هو واضح موجه لنساء
النبي. و لعل هذا يدعونا إلى التساؤل: إذا كان الأمر كذلك فلم لم يعبّر
عنهن بنون النسوة بدلاً من (ميم) الجماعة؟ غير أنّ ما يمكن أن يقوله المرء
هنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو رأس أهل بيته وهو داخل بلا
شك في الآية مع نساءه كما قال تعالى في إبراهيم عليه السلام **
أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ
عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ } مع أنّ الخطاب
لإمرأة إبراهيم عليه السلام ولكنه لما دخل إبراهيم عليه السلام وزوجته في
مسمى أهل البيت عبّر عنهم جميعاً بـ ( ميم ) الجماعة في قوله تعالى **
رحمة الله وبركاته عليكم } تغليباً ، بل إنّ إطلاق تسمية ( أهل ) على
الزوجة وارد في قوله تعالى عن موسى عليه السلام ** فلما قضى موسى الأجل
وسار بأهله } مع أنه لم يكن مع موسى عليه عليه السلام سوى زوجته ، فما
العجب في أن تعني الآية نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتستخدم في
حقهن (ميم ) الجماعة؟!!
2- مما يؤكد أنّ الآية لم تنزل في أصحاب الكساء رضوان الله تعالى عليهم
بل في نساء النبي خاصة حديث الكساء نفسه ، ذلك أنّ رسول الله صلى الله
عليه وآله في حديث الكساء دعا لأصحاب الكساء بأن يذهب الله عنهم الرجس
بقوله ( اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس ) فإذا كانت الآية
نزلت فيهم وقد أخبر الله فيها بإذهاب الرجس فما الداعي لدعاء كهذا من رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!! وإنما أراد رسول الله من دعاءه هذا أن
يضم الله عز وجل أصحاب الكساء وهم من أهل بيته بلا ريب إلى نساءه اللاتي
نزلت فيهن الآية في المعنى الذي تضمنته الآية وهو إرادة التطهير ورفع
الرجس. إنّ أهل السنة يقولون بأنّ الله عز وجل أذهب الرجس عن أصحاب الكساء
لحديث الكساء لا لورود آية التطهير التي إن جاز الاستدلال بها على أحد
فعلى أمهات المؤمنين اللاتي هن نساء النبي صلوات الله عليه وأهل بيته.
3- معنى أهل البيت يتعدى نساء النبي صلوات الله عليه ويتعدى الإمام علي
والسيدة فاطمة وإلامامين الحسن والحسين إلى غيرهم كما في حديث زيد بن
الأرقم الذي سئل فيه ( نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن
أهل بيته الذين حُرموا الصدقة وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس )
فمفهوم أهل البيت يتضمن أيضاً آل عباس وابن عبد المطلب وآل عقيل بن أبي
طالب وآل جعفر بن أبي طالب بدليل حديث زيد بن الأرقم، ويدخل في مسمى أهل
البيت أيضاً آل الحارث بن عبد المطلب لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
لربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب ( إنّ الصدقة لا تنبغي لآل محمد ،
إنما هي أوساخ الناس )
4- الاستدلال بالآية على عصمة أصحاب الكساء لا يخلو من العجب لأمر
بديهي يعرفه كل أحد وهو أنّ حديث الكساء يذكر السيدة فاطمة رضوان الله
عليها كأحد الأطراف الذين نزلت فيهم الآية ، والإمامية يقولون بأنّ الله
عز وجل أضفى على الأئمة صفة العصمة لاحتياج المهمة المناطة بهم لذلك وهي
إمامة الناس وتحكيم شرع الله ، والسؤال : إذا كان الأمر كذلك فهل السيدة
فاطمة نبية أو من الأئمة لكي تُضفى عليها صفة العصمة؟!! وما الغاية التي
لأجلها أُضفيت عليه العصمة؟ هل كل من يحبه الله أو كل من له مقام عنده
الله يُعطى العصمة ؟!! إنّ الله عز وجل لمّا أضفى صفة العصمة على الأنبياء
أضفاها عليهم لأنهم مبلغو الوحي وأمن الرسالة السماوية، و لو أننا قبلنا
عصمة الأئمة دون أن نناقشها، فإنّ ما لا يمكن تقبله لا عقلاً ولا شرعاً أن
يتصف بالعصمة من ليس بنبي و لا حتى إمام!!
5- لمّا كانت الآية نازلة في نساء النبي ( أمهات المؤمنين ) و في إرادة
تطهيرهن، جمع النبي عليه الصلاة أصحاب الكساء وهم من خواص أهل البيت ،
ليدعو لهم بأن ينالهم التطهير الذي نال أمهات المؤمنين قائلاً (اللهم
هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً) طالباً من الله
عز وجل أن ينالهم هذا الفضل وهو بلا شك أهل له ، فحرصت أم سلمة بعد أن رأت
رسول الله قد جمع علياً وفاطمة والحسن والحسين أن تكون معهم وتنال بركة
دعاء النبي عليه الصلاة والسلام وكان ذلك قبل أن يدعو النبي عليه الصلاة
وأن يقرأ الآية موضحاً سبب طلبه لهم ، فقالت أم سلمة ( وأنا معهم يا رسول
الله ) ، قال : ( إنك على خير ) و في رواية أخرى قال ( إنك إلى خير أنت من
أزواج النبي ) إذ لا حاجة لأم سلمة في أن يدعو لها رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم بأن يُذهب الله عنها الرجس طالما أن الآية نزلت فيها وفي
باقي نساء النبي عليه الصلاة والسلام ، وهذا من أبرز الدلائل على كون
الآية نازلة فيها لا في أصحاب الكساء الذي حرص النبي عليه الصلاة والسلام
على الدعاء لهم ولو كانت الآية نازلة فيهم لما جمعهم الرسول عليه الصلاة
والسلام وقال ما قال. نذكر أن الآية لم تنزل في بيت ام سلمة بل نزلت في
بيت عائشة (انظر إلى الرواية المروية عن عائشة في مسلم وهي التي يستدل بها
الشيعة)، ثم بعد نزولها و في فترة لاحقة جاء الرسول إلى بيت ام سلمة ثم
دعا علي و فاطمة و الحسن و الحسين و غطاهم بالكساء و دعا لهم.
6- قوله تعالى{ ويطهركم تطهيراً } ليس فيه إخبار بذهاب الرجس بل فيه
أمر لمن نزلت فيهم الآية بالتزام طاعته لكي يحصل لهن التطهير ، لأنّ الله
عز وجل يريد تطهيرهن ، وسياق الكلام الموجه لنساء النبي صلوات الله وسلامه
عليه كان يتضمن توجيهاً إلهياً إليهن بفعل أمور واجتناب أخرى وبين الله عز
وجل أنه يريد منهن التزام هذه التوجيهات ليذهب عنهم الرجس بمقتضى أمره لهم
، وبامتثالهم لأمر الله وحفظه لوصاياه يحصل التطهير ، وهذا النمط من
الخطاب استخدم الله عز وجل في آخرين كما في قوله تعالى للمؤمنين ** ما
يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم } وقوله تعالى ** يريد
الله ليبين لكم ويهديكم } وقوله تعالى ** يريد الله أن يخفف عنكم }
فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا لا أنها حصلت فعلاً ، ولو كان
الأمر كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته ، وأبسط مثال يوضح ذلك هو أنّ
الله عز وجل يريد على سبيل المثال للبشر كلهم أن يدخلوا الجنة وهذه
الإرادة هي إرادة محبة ، وهناك إرادة له سبحانه كونية قدرية في هذا الشأن
وهي أنه سيكون من البشر مؤمن وكافر وأنّ ما كل البشر سيدخل الجنة ، لأنّ
الله سبحانه وتعالى العادل أعطى البشر الحرية في عمل الخير والشر لكي يحصل
العدل بمجازاته ، ولو كان الإنسان مجبوراً على الخير فقط لما كان من العدل
مجازاته أصلاً لأنه لو أراد الشر ما وجد إلى ذلك سبيلاً، فإرادة الله
إدخال البشر كلهم إرادة محبة ولكنه ما من الواجب تحققها لأنّ الله نفسه لم
يوجب حدوثها.
7- إنّ مضمون حديث الكساء أنّ النبي صلى الله عليه وآله دعا لهم بأن
يُذهب الله عنهم الرجس ويطهرهم تطهيراً ، وغاية ذلك أنّ يكون دعا لهم بأن
يكونوا من المتقين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم ، واجتناب الرجس
واجب على المؤمنين ، فإنّ الله عز وجل يريد تطهير كل المؤمنين وليس أهل
البيت فقط ، وإن كان أهل البيت هم أولى الناس وأحقهم بالتطهير. يقول الله
تعالى ** ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته
عليكم } ويقول ** خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وقال تعالى **
إنّ الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } ، فكما أخبر الله عز وجل بأنه
يريد تطهير أهل البيت أخبر كذلك بأنه يريد تطهير المؤمنين كذلك ، فإن كان
في إرادة التطهير وقوع للعصمة لحصل هذا للمؤمنين الذين نصت الآيات على
إرادة الله عز وجل تطهيرهم.
8- التطهير الوارد في الآية لا يعني العصمة بل التنزه عن الفواحش وهو
استخدام شائع في القرآن الكريم كما قال تعالى ** خذ من أموالهم صدقة
تطهرهم و تزكيهم بها } وما من أحد يقول بأنها قصدت بالتطهير هنا العصمة بل
التنزه من الفواحش ، وكذلك في قوله تعالى ** و ثيابك فطهّر} وغيرها من
الآيات ، وبالجملة لفظ ( الرجس ) أصله ( القذر )، يُطلق و يُراد به الشرك
كما في قوله تعالى ** فاجتنبوا الرجس من الأوثان } ، ويُطلق ويُراد به
الخبائث المحرّمة كالمطعومات والمشروبات كقوله تعالى ** قل لا أجد فيما
أُوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو
لحم خنزير فإنه رجس أو فسق } وقوله ** إنما الخمر والميسر والأنصاب
والأزلام رجس من عمل الشيطان } ولم يثبت أن استخدم القرآن لفظ ( الرجس )
بمعنى مطلق الذنب بحيث يكون في إذهاب الرجس عن أحد إثبات لعصمته.
9- مما يؤكد أنّ الآية لا تنص على وقوع التطهير بل على إرادة التطهير
وأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرص على أن يلحق أصحاب الكساء ما
لحق زوجاته أمهات المؤمنين اللاتي نزلت فيهن الآية وفي إرادة تطهيرهن ما
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنه كان إذا خرج إلى الصلاة
يمر بباب علي وفاطمة ويقول: الصلاة يا أهل البيت ** إنما يريد الله أن
يُذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً } مذكّراً إياهم بالآية
وحاضاً علياً على الخروج لصلاة الجماعة ، إذ بالمحافظة على الفرائض وبطاعة
الله يحصل التطهير.
10- على فرض أنّ الآية نزلت في أصحاب الكساء لا في نساء النبي عليه
الصلاة والسلام ، فإنّ التطهير الذي جاءت به الآية واقع لغيرهم أيضاً بنص
القرآن كما قال تعالى عن المؤمنين ** ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم
} وغيرها من الآيات ، ولو كان في معنى إرادة التطهير معنى العصمة لوجب
القول بعصمة جميع المؤمنين لنص الآية على إرادة الله تطهيرهم ، وهذا ما لا
يقوله لا السنة والشيعة ، فكيف تطبق نظرية التطهير على أناس دون آخرين؟!!
أليس في المسألة نوع من المزاجية وليس المنهجية العلمية. و العجيب في
علماء الشيعة أنهم يتمسكون بالآية ويصرفونها إلى أصحاب الكساء ثم يصرفون
معناها من إرادة التطهير إلى إثبات عصمة أصحاب الكساء ثم يتناسون في الوقت
نفسه آيات أخرى نزلت في إرادة الله عز وجل لتطهير الصحابة بل هم بالمقابل
يقدحون فيهم ويقولون بانقلابهم على أعقابهم مع أنّ الله عز وجل نص على
إرادة تطهريهم بنص الآية ، مفارقات عجيبة يُحار فيها العقل ولا تجد لها
إلا إجابة واحدة ، إنه التعصب وما يفعله في أصحابه.
[
بعد وفاة النبيشارك في فتح شمال أفريقيا وطبرستان، ووقف مع أبيه في موقعة الجمل وصفين وحروبه ضد الخوارج.
فترة خلافتهاستلم الحكم بعد والده، وكان هذا في 6 شهور فقط وقيل 8 أشهر، وكان أول من بايع الحسن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فقال: أبسط يدك على كتاب الله وسنة رسوله وقتال المخالفين فقال الحسن : "على كتاب الله وسنة رسوله فإنهما ثابتان"
صلحه مع معاوية
كادت ان تندلع الحرب بين الحسن ومعاوية وانصاره من الشام ؛ فقد سار
الجيشان حتى التقيا في في موضع يقال له (مسكن) بناحية الأنبار ؛ كان
حريصًا على المسلمين وعدم تفرقهم، فتنازل عن الخلافة لما لتكون الخلافة
واحدة في المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء وقيل كان تسليم
حسن الأمر إِلى معاوية في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وقيل في ربيع الآخر
وقيل في جمادى الأولى ؛ فلما تنازل عن الخلافة أصلح الله بذلك بين الفئتين
كما أخبر بذلك رسول الله حين قال: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به
بين فئتين من المسلمين» [البخاري]. وسمي العام الذي تنازل فيه الحسن عن
الخلافة لمعاوية بعام الجماعة، وكان ذلك سنة (40هـ). قد روى عن النبي انه
قال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يعود ملكاً عضوضاً" وكان آخر
الثلاثين يوم انحرف الناس عن الامام الحسن وبويع معاوية.
و قد جاء في الكامل في التاريخ
لابن الأثير أن الحسن سلم الأمر إلى معاوية، لأنه لما راسله معاوية في
تسليم الخلافة إليه خطب الناس ،فحمد الله وأثنى عليه وقال: إنّا والله ما
يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة
والصبر فشيبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في مسيركم إلى صفين
ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وقد أصبحتم
بين قتيلين : قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، وأما
الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزّ
ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله عز وجل، بظُبي
السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى. فناداه الناس من كل
جانب : البقية البقية! وأمضى الصلُح.[8]
وقال البخاري
في كتاب الصلح : حدثنا عبد الله بن محمد ثنا سفيان عن أبي موسى قال: سمعت
الحسن يقول: «استقبل والله الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان بكتائب أمثال
الجبال، فقال عمرو بن العاص:
إني لأرى كتائب لا تُولي حتى تقتل أقرانها، فقال معاويه - وكان والله خير
الرجلين - : إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس ؟ من لي
بضعفتهم؟ من لي بنسائهم، فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس - عبد
الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر، قال اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه
وقولا له واطلبا إليه، فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه.»
منه تنتسب سلالة السعديون التي حكمت المغرب بين القرنين 16 و 17
[9]
- ومنه أيضا تنتسب سلالة الصوفي الكبير والعلامة النحرير الشيخ ماءالعينين
شروط الصلحما يذكره المؤرخون في هذا الشأن هو صحيفة كتب عليها الإمام الحسن شروطه
مقابل الصلح، ولم يذكر أي من المؤرخين كل ما كتبه عليها، إنما تعرضوا لبعض
ما فيها، إلا أنه يمكن أن نصل إلى عدد جيد من الشروط بتتبع المصادر
والتوفيق فيما بينها، ويمكن تقسيم هذه الشروط إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الشروط المتعلقة بالحكم مثل:
1- العمل بكتاب الله وسنة نبيه (ص) .
2- أن يكون الأمر من بعد معاوية للحسن ثم الحسين (ع) .
3- أن لا يقضي بشيء دون مشورته.
القسم الثاني: الشروط الأمنية والاجتماعية والدينية:
1- أن لا يُشتم علياً وهو يسمع، أو أن لا يذكره إلا بخير.
2- أن لا ينال أحداً من شيعة أبيه(ع) بمكروه.
3- أن لا يلاحق أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق مما كان في أيام أبيه.
4- أن لا يناله بالإساءة.
القسم الثالث: الشروط المالية:
1- أن لا يطالب أحداً مما أصاب أيام أبيه.
2- أن يعطيه خراج داربجرد فارس .
3- إعطاؤه ما في بيت مال الكوفة.
صفاته وخصاله شكله وهيئتهكان أشبه الناس بجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في وجهه فقد
كان أبيض مشرب بالحمرة، فعن عقبة بن الحارث أن أبا بكر الصديق لقي الحسن
بن علي فضمه إليه وقال بأبي شبيه بالنبي ليس شبيه بعلي وعلي يضحك، وكان
شديد الشبه بأبيه في هيئة جسمه حيث أنه لم يكن بالطويل ولا النحيف بل كان
عريضا.
[عدل] الكرم والعطاء
- سمع رجلاً إلى جنبه في المسجد الحرام يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف إلى بيته وبعث إليه بعشرة آلاف درهم.
- وحيّت جارية للحسن بطاقة ريحان، فقال لها: « أنت حرّة لوجه الله »
فقيل له في ذلك، فقال أدّبنا الله فقال: « {وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا
بأحسن منها} وكان أحسن منها إعتاقها ».
- وقد قسّم كلّ ما يملكه نصفين، ثلاث مرّات في حياته، وحتّى نعله، ثمّ
وزّعه في سبيل الله كما يقول عنه الرّاوي مخاطباً إيّاه «وقد قاسمت ربّك
مالك ثلاث مرّات حتّى النّعل والنّعل».
- ويذكر أنه في أحد الأيام دخل فقير المسجد يسأل الناس فأرشده رجلا إلى
الرجال الذين كانوا في ذلك الجانب من المسجد ليسألهم، وحين توجه إليهم
فإذا بهم: الحسن والحسين، وعبد الله بن جعفر. فبادر الإمام الحسن بإعطاء
الفقير 50 درهم، والإمام الحسين أعطاه 49 درهم، وعبد الله بن جعفر أعطاه
48 درهم.
- وكان من ألقابه "الزكي"،المجتبى و"كريم أهل البيت"ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الحلم
- روي أنّ شاميّاً رأى الإمام راكباً فجعل يلعنه والحسن لا يردّ، فلمّا
فرغ أقبل الحسن فسلّم عليه وضحك فقال: « أيّها الشّيخ أظنّك غريباً ولعلّك
شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا
أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً
كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة
قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود
عليك، لانّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً».فلمّا سمع
الرّجل كلامه بكى، ثمّ قال: أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، ألله أعلم حيث
يجعل رسالته.
- ومروان بن الحكم، لمّا مات الحسن، بكى مروان في جنازته، فقال له
الحسين، أتبكيه وقد كنت تُجرَّعه ما تُجرّعه؟ فقال: إنّي كنت أفعل ذلك إلى
أحلم من هذا، وأشار بيده إلى الجبل.
من أقواله وحكمه
- لا تعاجل الذنب بالعقوبة واجعل بينهما للاعتذار طريقاً.
- المزاح يأكل الهيبة، وقد أكثر من الهيبة الصامت.
- الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود.
- تُجهل النعم ما أقامت، فإذا ولت عرفت.
- ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم.
- اللؤم أن لا تشكر النعمة.
- الخير الذي لا شر فيه: الشكر مع النعمة، والصبر على النازلة.
- هلاك المرء في ثلاث، الكبر والحرص والحسد، فالكبر هلاك الدين، وبه لعن
إبليس، والحرص عدو النفس، به أخرج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء، ومنه
قتل قابيل هابيل.
- لا أدب لمن لا عقل له، ولا مروءة لمن لا همة له، ولا حياء لمن لا دين
له، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران جميعاً، ومن
حرم العقل حرمهما جميعاً.[10]
- مكارم الأخلاق عشر: صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن
الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والترحم على الجار، ومعرفة الحق
للصاحب، وقري الضيف، ورأسهن الحياء.
- فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها.[11]
- ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد.[12]
- علّم الناس علمك، وتعلّم علم غيرك، فتكون قد أتقنت علمك، وعلمت ما لم تعلم.[13]
- لرجل أبلّ من علة: إن الله قد ذكرك فاذكره، وأقالك فاشكره.
- إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها.
- من تذكر بعد السفر اعتدّ.
- بينكم وبين الموعظة حجاب العزة.
- إن من طلب العبادة تزكى لها.
- قطع العلم عذر المتعلمين.[14]
- أحسن الحسن الخلق الحسن.[15]
زوجاتهأحصى الذهبي للحسن تسع زوجات هن:
- أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم
- خولة بنت منظور بن زَبّان بن سيار بن عمرو
- أم بشير بنت أبي مسعود، وهو عقبة بن عمرو بن ثعلبة
- جعدة بنت الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي المصادر: أسد الغابة - ج1 ص562
- أم ولد تدعى بقيلة
- أم ولد تدعى ظمياء
- أم ولد تدعى صافية
- أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي
- زينب بنت سبيع بن عبد الله أخي جرير بن عبد الله البجلي
أبناؤه
- محمد الأكبر
- الحسن المثنى بن الحسن السبط
- جعفر
- حمزة
- فاطمة
- محمد الاصغر
- زيد بن الحسن السبط
- أم الحسن
- أم الخير
- إسماعيل
- يعقوب
- القاسم
- عبد الله
- حسين الاثرم
- عبد الرحمن
- أم سلمة
- أم عبد الله
- عبد الله الأصغر
- عمر
- أبو بكر
موتهمات 7 صفر سنة 50 هـ ودفن بالبقيع
[16][17]